الثلاثاء، 9 نوفمبر 2010

دخول اتفاقية كيوتوفى حيزالتنفيذ خطوة صغيرة في مشوار طويل

 

تدخل اتفاقية كيوتو حيز التنفيذ اليوم، وبهذه المناسبة يحتفل العالم بمشاعر مختلطة، المتفائلون يشعرون بالبهجة لبدء العمل بها بعد مخاض عسير على أكثر من صعيد، ولكن الكثيرين يرون فيها مجرد بداية متواضعة لا تستحق هذا التهليل.

 


يُعد اليوم 16 فبراير/شباط يوماً مهماً في تاريخ الأمم المتحدة والعالم كونه يشهد البدء بتنفيذ أول اتفاقية جماعية للحفاظ على البيئة والحد من تلوثها. ويُقام بهذه المناسبة حفل كبير في مدينة كيوتو اليابانية، حيث وُقعت هذه الاتفاقية التي تعكس وعياً مشتركاً بين سكان الأرض تجاه مسؤولية الحفاظ على كوكبنا. وتنعقد الآمال عليها للحد من تلوث البيئة والحفاظ على درجة حرارة الأرض كونها تلزم الدول المصدقة بتخفيض انبعاث الغازات الناتجة عن عملية التصنيع بنسبة 5 بالمائة من مستواها عام 1990. والاتفاقية هي حصاد جهود مستمرة ومناقشات موسعة دعت إليها الأمم المتحدة بهدف استباق التبعات المدمرة لظاهرتي الاحتباس الحراري والتلوث البيئي. ورغم الخطوة المهمة التي دشنها العالم اليوم يشدد العلماء على أنها ليست سوى بداية لأن هناك حاجة لخفض الغازات المنبعثة إلى النصف.

آلية اقتصادية للتنفيذ
                                         
جانب من الاحتفالات في برلين بدخول اتفاقية كيوتو حيز التنفيذBildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift:  جانب من الاحتفالات في برلين بدخول اتفاقية كيوتو حيز التنفيذ ولضمان نجاح عملية حماية البيئة والحد من انبعاث الغازات أدخلت الاتفاقية آليات تهدف لربط التلوث البيئي بمرود اقتصادي. وتتلخص هذه الفكرة في أن لكل منشأة صناعية الحق بحصة محددة من الغازات المنبعثة، فإذا تعدتها تحتم عليها شراء حصص إضافية من مصانع أخرى أطلقت غازات أقل مما يحق لها. وعليه يمكن للمنشات التي اقتصدت في كمية الغاز المسموح لها إطلاقها بيع الحصص التي لا تحتاجها وتحقيق أرباح من وراء ذلك. يذكر أن الاتجار بحصص الانبعاث بدأ في دول الإتحاد الأوروبي مع حلول العام الجاري.

من ناحية أخرى تشجع الاتفاقية على إقامة مشاريع بيئية بين الدول الموقعة، فقد أوجدت آلية تدعى آلية النمو الصناعي النظيف Clean Development Mechanism، وبمقتضاها تستثمر دولة صناعية أموالها في مشاريع بيئية داخل دولة نامية. وهناك المشاريع المشتركة Joint Implementation Projects التي تدخل بمقتضاها الدول الصناعية في مشاريع بينها لدعم الحفاظ على البيئة. وتقوم هذه في العادة بين دول أوروبية غربية ودول في أوروبا الوسطى والشرقية.

تفاؤل حذر

Bildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift:   أبدى الكثير من العلماء تفاؤلهم باتفاقية كيوتو وبإمكانية الحد من الزيادة المتواصلة لدرجة حرارة الأرض التي ارتفعت درجتين عن المتوسط الطبيعي لها. هذه الزيادة التي تبدو محدودة تؤثر بشكل مباشر على الأنظمة البيئية الحساسة مثل الشعب المرجانية أو الجزر المنخفضة. غير أن النجاح في إبقاء الحرارة عند مستواها سيحمي من أخطار مدمرة مثل ذوبان القطب الشمالي أو تراجع تيار الخليج، وهو التيار المائي الذي يعبر المحيط الأطلنطي ويجلب معه الدفء إلى النصف الشمالي من الكرة الأرضية.

غير أن علماء آخرين يخلطون تفاؤلهم ببعض الحذر، فهؤلاء يرون من جهة أنها بداية طيبة تستحق الإشادة ويرجون أن تتمسك الدول بالأهداف التي التزمت بها، لكنهم يشددون من جهة أخرى على أن الاتفاقية ليست كافية لوضع حل ناجع لمشكلة ارتفاع درجة الحرارة. ويعود ذلك برأيهم إلى أن كمية الغاز التي انبعثت في الجو خلال القرنين الماضيين أكبر من أن تؤثر عليها نسبة الـ 5 بالمائة المتوقع توفيرها. ويقدر العلماء أن النسبة الصحية التي يتعين الوصول إليها للحد من الآثار المدمرة للاحتباس الحراري هي خفض انبعاث الغازات بمقدار 50 بالمائة.

أهم العقبات

التلوث مشكلة أيضاً في الدول التي على عتبة التصنيعBildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift:  التلوث مشكلة أيضاً في الدول التي على عتبة التصنيع تنتهي المرحلة الأولى من اتفاقية كيوتو عام 2012. بعد ذلك يُنتظر أن تبدأ مرحلة جديدة بهدف الوصول إلى نسبة أقل من الغازات المنبعثة. ويبدو أن المباحثات بهذا الشأن ستكون شاقة، إذ يرى الناشطون في حماية البيئة ثلاث عقبات تقف في طريقها. تتمثل العقبة الأولى في صعوبة إقناع الإدارة الأمريكية بالعدول عن رأيها القاضي بالانسحاب من الاتفاقية، فمن المعروف أن ربع كمية الغازات المنبعثة في العالم تنطلق من الولايات المتحدة الأمريكية. وسبق لواشنطن أن وافقت على الاتفاقية تحت إدارة كلينتون لكنها لم تصادق عليها. وفي عهد بوش عادت وأعلنت انسحابها منها وعدم تقيدها بها. وبالنسبة للعقبة الثانية هناك مشاكل مع الدول التي تقف على عتبة التصنيع مثل الصين والهند والبرازيل، ففي المرحلة الأولى أعفت الاتفاقية هذه الدول من خفض نسبة الغازات المنبعثة بسبب محدوديتها مقارنةً بالدول الصناعية، غير أنه من الصعب تحقيق إنجازات ملموسة على المدى الطويل دون مشاركتها والحد من انبعاث الغازات التي تطلقه مصانعها الآخذة بالتطور. أما العقبة الثالثة فتتمثل بالانبعاثات التي تطلقها وسائط النقل البحرية والجوية، فمن المعروف أن الطائرات الكبيرة مثلاً تطلق كميات كبيرة من الغازات بسبب استهلاكها لكميات ضخمة من الوقود مقارنة بوسائط النقل الأخرى. وعليه فإن تجاهل هذا المصدر لإطلاق الغازات سيقلل من حجم النتائج الايجابية التي تحققها الاتفاقية.

لذلك يأمل الناشطون في مجال حماية البيئة أن لا تكتفي حكومات العالم بالارتياح لتطبيق اتفاقية كيوتو، بل أن تواصل العمل سوياً للانتقال إلى المرحلة القادمة.
منقول من دويتشه فيله

0 التعليقات:

إرسال تعليق

تتم مراقبة جميع التعليقات قبل نشرها للحفاظ على النظام. الموافقة على نشر تعليق معيّن لا تعني الموافقة على محتواه. جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).