الأحد، 6 أبريل 2014

خطة سهلة ويسيرة التكلفة لوقف الاحترار العالمي

إليكم الخطة: نقوم بتجهيز عدة طائرات نفاثة تجارية تابعة لشركة جَلف ستريم بمحركات عسكرية ومعدات تعمل على إنتاج وتوزيع قطرات صغيرة من حمض الكبريتيك، ثم نجعل هذه الطائرات تطير على ارتفاع ٢٠ كيلومترًا تقريبًا، وهو أعلى بكثير من ارتفاع التحليق للطائرات التجارية النفاثة، لكن لا يزال داخل نطاقها. وعلى هذا الارتفاع في المنطقة الاستوائية تكون الطائرة في الجزء السفلي من طبقة الستراتوسفير، وعندئذٍ ترش الطائرات حمض الكبريتيك وهي تتحكم بعناية في معدل ما تطلقه. يختلط الكبريت ببخار الماء مكونًا أيروسولات الكبريت، وهي جسيمات صغيرة يقل قطرها عن الميكرومتر. تُدفع هذه الجسيمات لأعلى بفعل أنماط الرياح الطبيعية وتنتشر فوق العالم، بما في ذلك القطبين، وبمجرد انتشارها في طبقة الستراتوسفير فإنها تعكس نحو ١ في المائة من ضوء الشمس المصطدم بالأرض ليعود إلى الفضاء. إن زيادة ما يطلِق عليه العلماء وضاءة الكوكب — أو قوة الانعكاس — سوف تعادل جزئيًّا آثار الاحترار التي يتسبب فيها ارتفاع مستويات غازات الدفيئة.


إن مؤلف هذه الخطة التي يُطلَق عليها مخطط الهندسة الجيولوجية هو ديفيد كيث، وهو لا يريد تطبيقها في أي وقت قريب، هذا إن كان يريد تطبيقها من الأساس؛ فهناك حاجة لإجراء مزيد من الأبحاث لتحديد ما إذا كان حقن الكبريت في طبقة الستراتوسفير ستكون له عواقب خطيرة مثل الإخلال بأنماط هطول الأمطار، أو يزيد من تآكل طبقة الأوزون التي تحمينا من الأشعة فوق البنفسجية المدمرة. كما أن هناك جانبًا شائكًا أكثر، ألا وهو القضايا الأخلاقية والمتعلقة بالحوكمة التي تحيط بالهندسة الجيولوجية؛ بمعنى التساؤلات حول من يُسمح له بفعل ماذا ومتى ذلك. ومع ذلك أجرى كيث — أستاذ الفيزياء التطبيقية بجامعة هارفرد وخبير رائد في تكنولوجيا الطاقة — تحليلًا كافيًا يجعلنا نظن أنه من المحتمل أن تكون هذه الطريقة سهلة وزهيدة التكلفة لردع بعض أسوأ آثار تغير المناخ.
فوفقًا لحسابات كيث، إذا بدأت العمليات في عام ٢٠٢٠، فسيحتاج الأمر إلى ٢٥ ألف طن متري من حمض الكبريتيك لتقليل الاحترار العالمي إلى النصف بعد عام واحد. وبمجرد بدء عملية حقن حمض الكبريتيك فإنها ستستمر طوال الوقت. وبحلول عام ٢٠٤٠، سنحتاج إلى حوالي ١١ طائرة نفاثة من أجل توزيع ٢٥٠ ألف طن متري تقريبًا في كل عام، بتكلفة سنوية تصل إلى ٧٠٠ مليون دولار، وذلك من أجل تعويض الاحترار المتزايد الذي يسببه ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون؛ ومن ثَمَّ، فإنه يقدَّر أنه بحلول عام ٢٠٧٠ سيحتاج البرنامج إلى حقن أكثر قليلًا من مليون طن في السنة باستخدام أسطول يتألف من مائة طائرة.
ومن الأشياء المثيرة للدهشة في اقتراح كيث هو كمُّ الكبريت القليل الذي يتطلبه؛ فوفقًا لتقديره، ستعادل بضعة جرامات قليلة منه في طبقة الستراتوسفير الاحترار الذي يتسبب فيه طن من ثاني أكسيد الكربون. وحتى المقدار المطلوب في عام ٢٠٧٠ يبدو ضئيلًا مقارنةً بما يقرب من ٥٠ مليون طن متري من الكبريت يصدر سنويًّا من حرق الوقود الحفري. يبقى معظم هذا التلوث في طبقة الغلاف الجوي السفلى، وتختفي جزيئات الكبريت في غضون أيام. وفي المقابل، تظل جسيمات الكبريت في طبقة الستراتوسفير لبضع سنوات؛ مما يجعلها أكثر فعالية في عكس ضوء الشمس.
إن فكرة استخدام أيروسولات الكبريت لمعادلة احترار المناخ ليست جديدة؛ فقد ظهرت نسخ بدائية من المفهوم، على الأقل منذ اقتراح عالِم مناخ روسي يدعى ميخائيل بودكيو الفكرة في منتصف سبعينيات القرن العشرين، واستمرت مناقشة شروحٍ أكثر تنقيحًا لكيفية تطبيقها بنجاح لعقود. وحاليًّا تعد فكرة استخدام جسيمات الكبريت من أجل مقاومة الاحترار — التي تُعرف عادةً باسم إدارة الإشعاع الشمسي — موضوع مئات الأبحاث التي ينشرها في الدوريات الأكاديمية علماء يستخدمون نماذج الكمبيوتر من أجل محاولة التنبؤ بعواقبها.
إلا أن كيث — الذي نُشرت له أبحاث في الهندسة الجيولوجية منذ أوائل تسعينيات القرن العشرين — ظهر كشخصية رائدة في هذا المجال بسبب تأييده العلني العنيف لإجراء مزيد من الأبحاث على هذه التكنولوجيا، واستعداده للحديث دون خوف عن كيفية عملها، أضف إلى هذا مؤهلاته الأكاديمية المتميزة؛ ففي العام الماضي أغرته هارفرد بترك جامعة كالجاري بتعيين مشترك في كلية الهندسة وكلية كينيدي للإدارة الحكومية، كما أن كيث أحد الأصوات الأكثر تأثيرًا في العالم في مجال الهندسة الجيولوجية الشمسية؛ فهو من بين القلائل الذين أجروا دراسات هندسية مفصلة وحسابات لوجستية على كيفية تطبيق عملية إدارة الإشعاع الشمسي فقط. وإذا حصل هو ومعاونه جيمس أندرسون — كيميائي بارز متخصص في الغلاف الجوي بجامعة هارفرد — على تمويل عام، فإنهما يخططان لإجراء بعض التجارب الميدانية الأولى من أجل تقييم مخاطر هذا الأسلوب.
وفي يوم شديد الدفء على غير المعتاد من هذا الشتاء تقدم كيث في مقعده في مكتبه الصغير والمتواضع بجامعة هارفرد وانحنى إلى الأمام، وشرح سبب تعجله الأمر، قائلًا إنه سواء انخفضت انبعاثات غاز الدفيئة بشدة — وتوجد أدلة قليلة على أن مثل هذا الانخفاض سيحدث — أو لا «فإن هناك فرصة حقيقية بأن تستطيع هذه التقنيات [الهندسة الجيولوجية الشمسية] فعليًّا تقليل المخاطر المناخية بشكل ملحوظ، وسنكون متهاونين إذا لم ندرس هذا جيدًا». وأضاف: «أنا لا أقول إن الأمر سينجح، ولا أقول إننا يجب أن نقوم به.» لكن «من التهور عدم البدء في أبحاث جادة عنه. فكلما سارعنا بمعرفة ما إذا كان سينجح أم لا، كان هذا أفضل».
لماذا يمثل هذا الأمر أهمية؟إن احترار المناخ الناتج عن زيادة مستويات ثاني أكسيد الكربون سيستمر على الأقل ألف سنة، وربما تكون الهندسة الجيولوجية السبيل الوحيد لخفض درجة حرارة الأرض.
إن السبب الرئيسي لقيام كيث وغيره من العلماء بدراسة الهندسة الجيولوجية الشمسية بسيط وموثق جيدًا، رغم تجاهله في معظم الأحيان؛ ألا وهو أن الاحترار الناتج عن تراكم ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي من الناحية العملية لا مجال لإبطاله؛ لأن تغير المناخ مرتبط مباشرةً بإجمالي الانبعاثات المتراكمة. فحتى إذا أوقفنا انبعاث ثاني أكسيد الكربون تمامًا، فإن التركيزات المرتفعة للغاز في الغلاف الجوي ستظل لعقود. ووفقًا للدراسات الحديثة فإن الاحترار نفسه سيستمر في كامل قوته إلى حدٍّ كبير على مدار ألف سنة على الأقل. فإذا وجدنا في عام ٢٠٣٠ أو ٢٠٤٠ مثلًا أن تغير المناخ قد أصبح غير محتمل، فإن تقليل الانبعاثات وحده لن يحل المشكلة.
فيقول كيث: «هذه هي الرؤية الأساسية.» فبينما يؤيد بشدة تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بأسرع ما يمكن، فإنه يقول إنه في حال انقلبت الظروف المناخية ضدنا فإن هذا لن يكون كافيًا: «إن الشيء الوحيد الذي نظن أنه ربما يساعدنا حقًّا [في عكس تأثير الاحترار] في حياتنا هو في الواقع الهندسة الجيولوجية.»

التجربة

من الواضح أن ديفيد كيث ينظر إلى العالم بعينَي فيزيائي تجريبي؛ فعندما كان طالب دراسات عليا في معمل ديفيد بريتشارد في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا قاد مشروعًا قام ببناء أول مقياس لتداخل الذرات. تفوَّق كيث وزملاؤه في العمل على بعض أكبر مختبرات الفيزياء الذرية في العالم، بما فيها مختبر في جامعة ستانفورد يديره ستيفن تشو الذي حصل فيما بعد على جائزة نوبل وعمل وزيرًا للطاقة في الولايات المتحدة. يقول بريتشارد إن الجميع علم أن مقياس التداخل سيكون طفرة علمية، لكن كيث أظهر مزيجًا نادرًا من الإبداع والقدرة على المُضيِّ قدمًا بحماس متجاوزًا فترات الإحباط وصعوبات بناء المقياس واختباره. إلا أن كيث يقول إن إنجازه الاستثنائي قد دفعه إلى «الابتعاد عن الفيزياء [الذرية]» جزئيًّا؛ بسبب أن أحد أبرز تطبيقات قياس التداخل بين الذرات كان في أجهزة الجيروسكوب عالية الدقة المستخدمة في الغواصات التي تحمل صواريخ باليستية.
سرعان ما تحوَّل كيث من عَالَم الفيزياء الذرية الغامض المقصور على فئة معينة إلى مشكلات الطاقة؛ ففي عام ١٩٩٢، نشر بحثًا بعنوان «نظرة جادة على الهندسة الجيولوجية» أحد أوائل التحليلات العلمية شديدة الدقة عن الموضوع. ولكن لم يهتم أحد به تقريبًا.
وبالفعل، ظل مجال الهندسة الجيولوجية إلى حدٍّ ما في سبات لجزء كبير من العَقد التالي. ومن حين لآخر، كان عدد قليل من العلماء الجادين يكتبون أبحاثًا متفرقة، وجذب المجال مجموعة من المتطرفين شديدي التعصب، إلا أن النقاش الأكاديمي للموضوع — ناهيك عن الأبحاث الفعلية — ظلت إلى حدٍّ ما منطقة محظورة. وقد شعر كثيرون بأن مناقشة الهندسة الجيولوجية كخيار واقعي ستَلفت الانتباه بعيدًا عن الحاجة المُلحة لتقليل انبعاثات غازات الدفيئة. ثم في عام ٢٠٠٦، نشر بول كروتزن — أحد علماء المناخ الرواد في العالم والحائز على جائزة نوبل في الكيمياء عام ١٩٩٥ عن عمله عن تآكل طبقة الأوزون — بحثًا بعنوان «تعزيز الوضاءة بحقن الكبريت في طبقة الستراتوسفير: أهو إسهام لحل مأزق سياسي؟»
اعترف كروتزن في هذا البحث أن «الطريقة المفضلة» للتعامل مع احترار المناخ هي التقليل من انبعاثات غازات الدفيئة، لكنه خلص إلى أن تقليل الكميات على نحوٍ كافٍ ليس إلا «أمنية بعيدة المنال»؛ ومن ثَمَّ، فإنه لم يقدم تأييده فحسب لفكرة الهندسة الجيولوجية، بل إنه اختار استخدام أيروسولات الكبريت تحديدًا بصفتها مادة تستحق البحث، حتى وإن كان من المعروف أن الجسيمات يمكن أن تسهل التفاعلات الكيميائية التي تؤدي إلى فقدان طبقة الأوزون. وقد أشار إلى ثوران بركان جبل بيناتوبو، الذي يقع على جزيرة في الفلبين، في عام ١٩٩١ على أنه دليل على أن جسيمات الكبريت يمكن أن تقلل درجة حرارة الكوكب بفعالية؛ فقد قذف هذا البركان العملاق نحو ١٠ ملايين طن متري من الكبريت في طبقة الستراتوسفير، وأشار تحليل لاحق إلى أن درجة حرارة العالم قد انخفضت بمعدل ٠٫٥ درجة مئوية لبضع سنوات.
وفي الوقت الذي كان إحباط كثير من الخبراء يزداد بسبب عدم إحراز تقدم في تقليل غازات الدفيئة، سمح هذا البحث بمناقشة موضوع التغير المتعمد للمناخ بصورة علنية أكثر. وفي السنوات التالية حظيَت الهندسة الجيولوجية بمزيد من الاهتمام، بما في ذلك مراجعات بارزة من الجمعية الملكية البريطانية ومركز سياسة الحزبين الذي يقع مقره في واشنطن، وقد أوصيا بإجراء المزيد من الأبحاث في إدارة الإشعاع الشمسي. (وقد ساعد كيث في كتابة التقريرَين.) وقد تلا ذلك إقامة نماذج لا حصر لها وعمليات محاكاة بالكمبيوتر، لكن كيث الآن متشوق لإجراء تجارب ميدانية.
منظم درجة حرارة الأرض: حتى إن توقفت انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في مستويات الغلاف الجوي المختلفة (تقاس بجزء في المليون حجمًا)، فإن درجات الحرارة المرتفعة ستستمر دون تغيُّر إلى حدٍّ كبير لقرون عديدة. (بناءً على أحد تقديرات حساسية المناخ).
منظم درجة حرارة الأرض: حتى إن توقفت انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في مستويات الغلاف الجوي المختلفة (تقاس بجزء في المليون حجمًا)، فإن درجات الحرارة المرتفعة ستستمر دون تغيُّر إلى حدٍّ كبير لقرون عديدة. (بناءً على أحد تقديرات حساسية المناخ).
إن هذه الفكرة مثيرة للجدل للغاية؛ فلا يزال كثير من علماء المناخ يرون أن التجارب الميدانية سابقة لأوانها، ويميل منتقدو الهندسة الجيولوجية إلى الاعتقاد بأنها ستكون الخطوة الأولى فيما سيصبح خطوة لا رجعة فيها نحو تنفيذ شامل. في العام الماضي ساعد احتجاج شعبي عنيف تقوده عدة مجموعات بيئية دولية في إيقاف تجربة بسيطة اقترحها فريق من الباحثين البريطانيين. فقد أرادت هذه المجموعة ضخ ماء إلى ارتفاع كيلومتر واحد عبر خرطوم رفيع مرفوع عاليًا ببالون من الهليوم، وكان الهدف هو اختبار ما إذا كان من الممكن استخدام نظام مماثل في يومٍ ما لحقن جسيمات الكبريت في طبقة الستراتوسفير على ارتفاع ٢٠ كيلومترًا.
أما التجارب التي يفكر فيها كيث وأندرسون فهي أكثر طموحًا؛ فستكون أهدافهما أولًا اختبار كيف يجب أن يوزَّع حمض الكبريتيك بطريقة تحسِّن من حجم وطول عمر الجسيمات الناتجة، وثانيًا قياس كيف يؤثِّر الكبريت على الأوزون على هذا الارتفاع وتحت الظروف المرتبطة بإدارة الإشعاع الشمسي.
يقول أندرسون — الذي ساعد في كشف العمليات الكيميائية المتسببة في ثقب الأوزون الذي ظهر في القارة القطبية الجنوبية في ثمانينيات القرن العشرين — إن «النظام الشيطاني» الذي يورط جسيمات الكبريت في تدمير الأوزون حساس للغاية لمستويات بخار الماء في الهواء؛ لذلك، في مجموعة من التجارب — باستخدام خطة تعتمد على عمل أندرسون السابق — سترسل المجموعة بالونًا مليئًا بغاز الهليوم إلى الجزء السفلي من طبقة الستراتوسفير، وتستخدم خيطًا من الكيفلر من أجل إنزال أوعية ممتلئة ببخار الماء والكبريت، ثم تطلق كميات صغيرة من عينات الاختبار، بعد ذلك يُسقط الباحثون أدوات تحليلية مصغرة تعمل بالليزر لمراقبة العمليات الكيميائية في هذه المساحة الصغيرة «التي خضعت للتجربة». يقول أندرسون إن هذا النظام يوفر «تحكمًا ممتازًا» وطريقة لمراقبة تأثير الكميات المختلفة من الكبريت وبخار الماء بدقة.
ويؤكد أندرسون على أن التجربة لن يكون لها تأثير محتمل على طبقة الستراتوسفير؛ فهي ستستخدم فقط «كميات ضئيلة» من الكبريت وستقتصر على مساحة صغيرة للغاية. كما يضيف أنه من المهم دراسة التفاعلات في الظروف «التي تحدث فيها فعليًّا» وليس داخل حدود المختبر.
لكن، رغم أن أندرسون لا يزال متحمسًا لاختبار إدارة الإشعاع الشمسي، فإنه يقول إن إضافة الكبريتات إلى طبقة الستراتوسفير تقلقه «بشدة»؛ بسبب التأثير المحتمل على الأوزون. ويشير إلى دراسة نشرها فريقه في العام الماضي في مجلة «ساينس» توضح أن تزايد العواصف الصيفية الشديدة على الولايات المتحدة — التي يتسبب فيها احترار المناخ — يعمل على ضخ مزيد من بخار الماء في طبقة الستراتوسفير؛ فيقول إن هذا يمكن أن يسرع التفاعلات المدمرة للأوزون «إذا كانت الطبيعة تضيف المزيد من بخار الماء في طبقة الستراتوسفير ونحن نضيف الكبريتات، فإن هذا مزيج قاتل يؤدي إلى تآكل طبقة الأوزون.»
أما كيث فيبدو أكثر تفاؤلًا، فيقول: «إن الأمور غير المؤكدة شديدة الأهمية؛ فيمكن أن نحصل على نتائج سيئة للغاية [فيما يتعلق بالأوزون]، لكن هناك أيضًا احتمالات ألا يكون هناك أي تأثير على الأوزون، أو أن يكون التأثير إيجابيًّا.» ويضيف: على أية حال إنه «من الجنون» عدم البدء في إجراء تجارب على الهندسة الجيولوجية الشمسية لمعرفة ذلك. إن كل الأبحاث تقريبًا التي أُجريت على إدارة الإشعاع الشمسي تعتمد على النمذجة الحاسوبية، ويقول كيث إننا نحتاج إلى الانتقال إلى «تجارب الاضطراب» حتى نعلم ما إذا كنا نستطيع استخدامها في التدخل الآمن والفعال في المناخ. كما يقول إن المجال «يحتاج بحقٍّ إلى النضج» وبدء إجراء التجارب في «العالم الواقعي».

محض جنون

يشير نقاد إدارة الإشعاع الشمسي — وحتى مؤيدوه — إلى أن هذه التكنولوجيا بها أوجه قصور متعددة، ولا يوجد أحد متأكد بالكامل من عواقبها. تعكس أيروسولات الكبريت ضوء الشمس في الجزء العلوي من الغلاف الجوي؛ ومن ثَمَّ تعمل مباشرة على خفض درجة حرارة الكوكب. إلا أن غازات الدفيئة تعمل على نحوٍ مختلف تمامًا؛ حيث تحبس الأشعة تحت الحمراء طويلة الموجة وتمنعها من مغادرة سطح الأرض؛ ومن ثَمَّ ترفع درجة حرارة الأرض. وفي حين أن الكبريتات ستعادل عملية الاحترار على الأرجح، فمن غير الواضح بالضبط كيف يمكنها التصدي لبعض الآثار الأخرى لغازات الدفيئة، خاصةً التغيرات في أنماط هطول الأمطار. كما أن إدارة الإشعاع الشمسي لن تفعل شيئًا من أجل التقليل من زيادة حموضة المحيطات التي يتسبب فيها ارتفاع مستويات غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
يقول ريموند بييرهامبيرت، جيوفيزيائي بجامعة شيكاغو: «إن مصطلح «إدارة الإشعاع الشمسي» ينتمي إلى عالم الأنظمة الشمولية بالتأكيد؛ فالغرض منه إعطاؤنا الشعور بأننا نفهم فعليًّا ما نقوم به؛ فهو طريقة لزيادة مستويات الشعور بالراحة تجاه هذه الفكرة المجنونة. فإن ما نتحدث عنه في الواقع هو التلاعب بالكوكب في أمر لا نعرف يقينًا ماذا سيفعل هذا الكوكب حياله.» وقال في أثناء إلقاء محاضرة تندال رفيعة المقام — في الاجتماع السنوي للاتحاد الجيوفيزيائي الأمريكي في شهر ديسمبر الماضي — إن فكرة وضع أيروسولات الكبريت في طبقة الستراتوسفير ما هي إلا «محض جنون».
يرفض بييرهامبيرت أيضًا أهمية إجراء تجارب ميدانية، فيقول: «إن فكرة الهندسة الجيولوجية كلها فكرة جنونية للغاية وستؤدي إلى عواقب وخيمة؛ فالأمر فعليًّا عديم الجدوى. فإننا نعرف عن هندسة وضاءة الكبريت ما يكفي لأنْ ندرك أنها ستضع العالم في حالة غير مستقرة. إن تنفيذ التجارب الميدانية خطوة خطيرة حقًّا، وتراودني الكثير من الشكوك حيال ما سنتعلمه فعليًّا.»
يقول بييرهامبيرت إن المشكلة الأساسية في هندسة الوضاءة هي أننا بمجرد أن نبدأ في استخدامها يجب علينا الاستمرار إلى ما لا نهاية. وبما أنها تعادل الاحترار فحسب، فإنه بمجرد توقف العملية ستظهر التغيرات في درجات الحرارة التي تسببت فيها غازات الدفيئة فجأة وعلى نحوٍ ملحوظ؛ فيقول: «إذا توقفْتَ، أو إذا اضطُررتَ للتوقف، فستلفحك درجة الحرارة الحارقة.» كذلك يشير إلى أن استخدامها حتى كنوع من الإسعافات الأولية المؤقتة لا معنى له: «بمجرد أن تصل إلى المرحلة من تغيرات المناخ التي تشعر فيها بضرورة استخدام [إدارة الإشعاع الشمسي]، فسيتحتم عليك استخدامه إلى الأبد.» ويرى أن هذا يجعل الفكرة «محكومًا عليها بالفشل تمامًا».
بالإضافة إلى ذلك يقول بييرهامبيرت إن نماذج المناخ الموجودة لدينا «لم تقترب حتى من مستوى التقدم الكافي الذي يجعلنا نبدأ في التفكير في العمل فعليًّا على هندسة الكوكب». وعلى وجه التحديد، لا تتنبأ نماذج الكمبيوتر بدقة بالأنماط المحددة لهطول الأمطار الإقليمية. ويقول إنه من غير الممكن استخدام النماذج الحالية في معرفة كيف يمكن للهندسة الجيولوجية أن تؤثِّر — مثلًا — في الرياح الموسمية في الهند أو هطول الأمطار في المناطق المعرضة للجفاف مثل شمال أفريقيا؛ فيقول: «إن قدرتنا على تحديد أنماط المناخ الإقليمي بدقة في عالم تدخلت فيه الهندسة الجيولوجية محدودة للغاية.»
في الوقت نفسه توجد لدى آلان روبوك قائمة طويلة من الأسئلة المتعلقة بإدارة الإشعاع الشمسي، على رأسها: هل يمكن تطبيقه من الأساس؟ إن روبوك — الخبير في تأثير البراكين على المناخ وأستاذ العلوم البيئية في جامعة روتجرز — يحذر من أنه بينما أكَّد ثوران جبل بيناتوبو تأثير أيروسولات الكبريت في خفض درجات الحرارة، فإنه قد أطلق كمية هائلة من ثاني أكسيد الكبريت في طبقة الستراتوسفير على مدار بضعة أيام. أما الهندسة الجيولوجية الشمسية فستَستخدم كمية أقل بكثير من الكبريت، لكنها ستنشرها باستمرار على مدار فترة ممتدة، وربما يكون هذا اختلافًا مهمًّا. إن أفضل طريقة لتنفيذ إدارة الإشعاع الشمسي تكون باستخدام جسيمات الكبريت التي لا يتعدى مقدار قطرها نصف ميكرومتر. ينعكس ضوء الشمس عن سطح الجسيمات، وتمتلك الجسيمات الأصغر حجمًا مساحة سطح أكبر من الجسيمات الأكبر؛ مما يجعلها أكثر فعالية في حجب الشمس. يخشى روبوك أنه مع استمرار حقن الكبريت وتراكم تركيزاته أن تتجمع الجسيمات الصغيرة معًا لتكوِّن جسيمات أكبر حجمًا؛ مما يتطلب حقن المزيد من الكبريت أكثر من الذي تفترضه بعض المقترحات الحالية.
بإمكان تفاصيل كيمياء الأيروسولات هذه أن تساعد في تحديد قابلية نجاح إدارة الإشعاع الشمسي. يقول روبوك: «يعتقد ديفيد [كيث] أن هذا سيكون سهلًا وزهيد التكلفة، وأنا لا أوافقه الرأي.» فهو يقدر أن عدة ملايين الأطنان من الكبريت ستحقن في الغلاف الجوي سنويًّا لمعادلة المستويات المضاعفة لثاني أكسيد الكربون، لكن إذا تجمعت الجسيمات معًا «فإن الكم المطلوب سيكون أضعاف هذا».
توضح الأبحاث حتى الآن أن إنتاج سحابة في طبقة الستراتوسفير — وهو وصف روبوك المفضل لإدارة الإشعاع الشمسي — «يمكن أن يخفض درجة حرارة المناخ» على حد قوله، «لكن سيصبح لديك كوكب مختلف تمامًا، وقد توجد به أشياء أخرى أسوأ»، ويشير أيضًا — على سبيل المثال — إلى أنه في أعقاب ثوران جبل بيناتوبو انخفض هطول الأمطار بشكل ملحوظ في بعض أجزاء العالم. يؤيد روبوك عمل مزيد من النماذج على الهندسة الجيولوجية الشمسية، ويقول لكن «في الوقت الحالي، أنا لا أرى سبيلًا لاستخدامها؛ فأنا لا أرى كيف تفوق مزاياها عيوبها».
لا يزال هناك خلاف كبير بين علماء المناخ في طريقة تفسيرهم للأبحاث المتعلقة بهذه المخاطر. فعلى سبيل المثال، يقول فيل راش — كبير علماء المناخ بالمختبر الوطني شمال غرب المحيط الهادئ في ريتشلاند، واشنطن — بحذرٍ إن النماذج لا تشير بعدُ إلى «أفكار شديدة الجاذبية» من شأنها أن تَحُول دون التفكير في استراتيجيات معينة لإدارة الإشعاع الشمسي.
يقول راش — الذي نشر بحثًا مع كروتزن في عام ٢٠٠٨ عن استخدام أيروسولات الكبريت في الهندسة الجيولوجية — إن الأبحاث توضح أن الجسيمات ستسبب تآكل الأوزون إلى حدٍّ ما، «وهو أمر يجب علينا الانتباه إليه قطعًا»، إلا أن تأثير فقدان الأوزون يُخفَّف بفعل قدرة جسيمات الكبريت على حجب الأشعة فوق البنفسجية. كما يضيف أنه فيما يتعلق بسقوط الأمطار، فإن النماذج تميل إلى الاتفاق على أن إدارة الإشعاع الشمسي «تؤدي إلى عالم [مستقبلي] أقرب ما يكون إلى عصرنا الحالي فيما يتعلق بهطول الأمطار مقارنةً بالوضع إذا لم نستخدم الهندسة الجيولوجية». ويقول راش إنه بوجه عام ستعمل إدارة الإشعاع الشمسي على ردع بعض آثار التغير المناخي، رغم أن «بعض أجزاء الكوكب ستتأثر بشدة أكثر من غيرها، ولا تزال هناك العديد من المشكلات التي لم تخضع للدراسة بعد».
«إن مصطلح «إدارة الإشعاع الشمسي» ينتمي إلى عالم الأنظمة الشمولية بالتأكيد؛ فهو طريقة لزيادة مستويات الشعور بالراحة تجاه هذه الفكرة المجنونة.» ريموند بييرهامبيرت.
«إن مصطلح «إدارة الإشعاع الشمسي» ينتمي إلى عالم الأنظمة الشمولية بالتأكيد؛ فهو طريقة لزيادة مستويات الشعور بالراحة تجاه هذه الفكرة المجنونة.» ريموند بييرهامبيرت.

تعليق النشاط

إن الشكوك العلمية واحتمال وجود فائزين وخاسرين في أجزاء العالم المختلفة تجعل من الصعب على نحوٍ لا يمكن تخيله تصوُّر كيف يمكن تطبيق إدارة الإشعاع الشمسي والتحكم فيها بصورة مناسبة؛ فكيف لنا أن نشكل النظام العالمي للحوكمة الذي سنحتاج إليه في نهاية المطاف؟ ومن سيقرر كيفية تطبيق هذه التكنولوجيا ووقت القيام بذلك؟ ومن الذي سيراقبها ويتحكم فيها؟ ومن الذي سيضبط منظم حرارة الأرض وعلى أية درجة؟ في الواقع يزداد الذعر تجاه الأسئلة المتعلقة بمن سيتخذ القرارات بشأن الهندسة الجيولوجية الشمسية أكثر من الأسئلة المتعلقة بالعلم نفسه.
وبينما لا تزال الحاجة إلى حوكمة دولية أمامها سنوات طويلة في المستقبل، فإن كيث والعديد من مساعديه المقربين، منهم إدوارد بارسون — أستاذ القانون بجامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس — يفكرون بالفعل في كيفية تطور مثل هذا النظام. ويقول بارسون إن إجراء أبحاث على التكنولوجيا لَهُوَ أمر أساسي لتحقيق فهم أفضل لما تستطيع الهندسة الجيولوجية الشمسية القيام به وما هي مخاطرها. ويقول إنه بدون وجود مثل هذه المعرفة «فإنك لا تعرف ما الذي عليك أن تحكمه».
إن الجدل القائم حول التجارب الميدانية — كالتي يخطط لها كيث وأندرسون — يظهر على أنه ساحة معركة مبكرة للقضايا الاجتماعية والسياسية. يصمم كيث على أن العمل لن يمضيَ قدمًا إلا إذا تلقى هو وزملاؤه تمويلًا عامًّا وحصلوا على موافقة من هيئات علمية معتمدة؛ ففي الواقع، يرى هو ومساعدوه التجارب على أنها اختبار مبكر لا للتكنولوجيا فحسب، بل أيضًا لكيفية عمل نظام الحوكمة. يقول بارسون إن الأمل يتمثل في أن توفر عملية التمويل والموافقة فرصة لوضع «معايير» تساعد في تشكيل مناقشات طويلة الأجل؛ معايير مثل الشفافية والمراجعة العامة والعرض العلني للنتائج.
هذا ويقول بارسون إنه لا أحد يفكر أن التجارب الميدانية التي تتضمن كميات ضئيلة من الكبريت تمثل خطرًا على أجسامنا؛ فيقول: «إن ما يقلق الناس هو العواقب السياسية والاجتماعية لاستمرار الأبحاث، وما يعقبها من تجارب أكبر حجمًا، ثم تجد نفسك على منحدر زلق باتجاه تنفيذ واسع النطاق.» إن هذه المخاوف يجب أن تؤخذ على محمل الجد، وهو يضيف: «يجب أن نشجع الأبحاث على نطاق محدود، لكننا بحاجة إلى نوع من الحوكمة المحدودة من أجل التقليل من خطر الانزلاق إلى مرحلة التنفيذ.» وعلى الأرجح، يمكن لهيئات التمويل العلمية المعتمدة تولي هذا الأمر، كما يقترح أن تكون التجارب المبكرة في أضيق الحدود، ويجب على الباحثين أن يصرحوا بوضوح أن أحدًا منهم لا ينتوي القيام بعمل كبير في الوقت الحالي.
يحث كيث ومساعدوه زملاءهم الباحثين على التوقيع على اتفاقية ستكون بمثابة «قرار بتعليق نشاط» خاص بتنفيذ هندسة الطاقة الشمسية؛ فيرى كيث أن هذا من شأنه تهدئة المخاوف بأن البعض يندفعون نحو تطبيق هذه التكنولوجيا؛ وهي مخاوف يعترف بأن «لها أساسًا على أرض الواقع» في ظل عدم وجود قوانين أو لوائح دولية تمنع أي شخص من تطبيق خطط الهندسة الجيولوجية؛ فهو يأمل — من خلال توقيع إقرار تعليق النشاط هذا — أن يتمكن العلماء من «المساعدة في تحرير الأبحاث» حول أخطار إدارة الإشعاع الشمسي وفعاليتها.

تشغيل التقنية

يشعر كيث أحيانًا — لفترات قصيرة — بانزعاج شديد من نقاد إدارة الإشعاع الشمسي، إلا أنه بعد دقيقة واحدة يواجه النقد بهدوء ومنطقية بردود قد كوَّنها بعد سنوات من التفكير والكتابة عن الهندسة الجيولوجية؛ فيرسم رسمًا بيانيًّا يوضح أن حقن الكبريت — في الواقع — يمكن أن ينتهيَ بعقلانية بعد قرن أو أقل من بدايته؛ ففي حين أن التغيرات المناخية الأساسية الذي كان يغطيها قد تعود مرة أخرى، فإن معدل التغير الذي يؤثر في النظم البيئية والبشر سيصبح أبطأ ويمكن التحكم فيه؛ فيقول بنبرة الثقة في النفس التي تميزه إن فكرة أن البدء في استخدام إدارة الإشعاع الشمسي يجعلنا نلتزم بالاستمرار فيه إلى ما لا نهاية «غير صحيحة على الإطلاق».
بل إن كثيرين من أشد المؤيدين لأبحاث إدارة الإشعاع الشمسي يقولون إن هذه التكنولوجيا ستكون ملاذًا أخيرًا يصعب التفكير فيه لعالَم بائس يواجه تغيرات مناخية مدمرة لدرجة أن تطبيق هذه التكنولوجيا يستحق احتمال مخاطرها. إلا أن كيث لديه رؤية أقل سوداوية، فيقول: «إذا استطعنا فعليًّا العثور على شيء من شأنه أن يقلل بقوةٍ من مخاطر تغير المناخ على مدار القرن القادم وينقذ أرواحًا كثيرة، فإنه أمر يجب عدم الانزعاج منه، بل ينبغي الإشادة به.» بل إنه في الواقع يقول إن تصوير الأمر بالنسبة للهندسة الجيولوجية على أنها ملاذ أخير نلجأ إليها في حالة مناخية طارئة هو «إلى حدٍّ ما خدعة بلاغية»؛ فهذا يتركنا دون وجود تعريف «للحالة المناخية الطارئة» كما أنه «لا وجود لتعريف بسيط».
إن الطريقة التي يقترحها كيث مدروسة أكثر وفي الوقت نفسه جذرية: «في رأيي يجب أن نبدأ في إجراء أبحاث حقيقية الآن، وإذا أثبتت أن [إدارة الإشعاع الشمسي] يمكنها بشكل ملحوظ تخفيض الأخطار المناخية دون وجود أخطار كثيرة لها — الأمر الذي ربما يكون صحيحًا أو غير صحيح — فإذنْ يجب علينا البدء في تنفيذها في وقت قريب نسبيًّا، لكن بتقدم بطيء.» وهو يعتقد أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تكون جاهزة للتنفيذ بحلول عام ٢٠٢٠ (أو بواقعية أكثر ٢٠٣٠)، وستشمل مستويات من الكبريت في طبقة الستراتوسفير «عمليًّا» في إطار المعدلات الطبيعية خلال العَقد الأول. ويمكن مراقبة العملية وتقييمها، ولأن كميات الكبريت التي تُحقن في طبقة الستراتوسفير ستكون صغيرة إلى حدٍّ ما؛ «فإن فرص مواجهة مشكلات كبيرة تقترب من الصفر».
يقول كيث إنه يُفترض دومًا أن إدارة الإشعاع الشمسي «سيتم تشغيلها بالضغط على مفتاح كبير، لكن لا يوجد سبب لعدم تمكننا من زيادتها زيادة حادة». كما يضيف أن هذه القدرة على تشغيل النظام ببطء وبأقل مخاطر ممكنة وراء «استعداده لأخذ الهندسة الجيولوجية على محمل الجد. فلو كان هذا القرار قد صدر في وقت سابق، لانتابني المزيد من الشكوك حيال تنفيذه، وكان سيصعب للغاية إقناعي بأنه منطقي». ونظرًا لاحتمال وجود منهج مدروس أكثر؛ «فعليَّ أن أقول إنني أميل بشدة للقيام به».
إن الاستماع إلى حجج كيث المنطقية ووصفه الدقيق لكيفية تطبيق إدارة الإشعاع الشمسي من المحتمل أن يجعلك تبدأ في تصديق أن التعديل المتعمد للمناخ لن يكون سلوكًا متطرفًا. إلا أنه كذلك؛ فهو سيخلق كوكبًا مختلفًا، حتى إن لون السماء سيصبح أكثر بياضًا، وغالبًا ما سيكون ذلك نتيجةً لليأس.
من ناحية أخرى، فإن تراكم غازات الدفيئة يغير بالفعل المناخ والغلاف الجوي بصورة غير مسبوقة ويصعب التحكم فيها. فما مدى ضخامة القفزة تجاه «هندسة» متعمدة لطرق لبدء التصدي لهذا الأمر؟ وكيث محق قطعًا في أن باحثي المناخ يجب عليهم دراسة الهندسة الجيولوجية الشمسية من أجل معرفة ما إذا كانت ستنجح بالفعل ومقدار الأمان فيها؛ وكذلك فإنه محق بشأن حاجة العلماء السياسيين إلى البدء في التفكير في كيف يمكننا تطبيق مثل هذا المشروع غير المسبوق على نطاق الكوكب. وكل ما يتبقى حينئذٍ هو أن يواجه المجتمع والحكومات المهمة الأصعب على الإطلاق وهي تحديد ما إذا كان سيتم تنفيذ هذا المشروع أم لا. 

5 التعليقات:

إرسال تعليق

تتم مراقبة جميع التعليقات قبل نشرها للحفاظ على النظام. الموافقة على نشر تعليق معيّن لا تعني الموافقة على محتواه. جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).